مقديشو 20 أكتوبر/رغم قساوة الظروف ونكبات الدهر ونكسات الساعات يُعرف الرجال، والرّجال قليلون، فسنّ الأربعين تكشف المعجزات والكرامات والخوارق. وفي أيام الظفولة وريعان الشباب تظهر العبقرية عن غيرها، وفي الإغتراب عزلة اجتماعية وصبر ومثابرة، وعلى أعتاب الأربعين أسرار ومناجاة لمن كان له قلب سليم، وسماحة كلم، وسيالة قلم ونضج فكريّ.
امتلك الكاتب روحا أدبية وولعا بالقراءة والبحث فهو متعدد المواهب ، محاضر في كلية العلوم ،الجامعة الوطنيىة الصومالية، مقديشو، الصومال،عمل مع العديد من الجامعات في الصومال مدرّبا ومستشارا تقنيا، وكاتب مترجم اشتغل مع المواقع الإعلامية وموسسات الترجمة ودور الطبع والنشر، داخل الصومال وخارجها، وله مقالات وكتب منشورة باللغتين العربية والصومالية، منها الصومال الداء والدواء، لواعج وطنية في شأن السياسة الصومالية، خواطر ورؤى معاصرة من واقع الدّعوة والحياة، مهتم بقضايا إصلاح المجتمع، والتكنولوجيا الرقمية، وتطوير تعلّم اللغة العربية في الصومال.
وفي أيام المحن والدراسة لا تأي الباسلة بين عشية وضحاها، بل حصاد وتراكمات من النجاحات، كما قال ابن خلدون “إن الأيام الصعبة تخرج رجال أقوياء، وإن الرّجال الأقوياء يصنعون الرخاء والترف”. نعم ، فعمل كاتبنا الأديب — الدكتور والمهندس منير عبد الله الحاج عبده سلطان— لا غرو أنّ كتابه الوليد عصارة فكر وخلاصة تجربة حياة علمية.
الكتاب، نصوص وخواطر رسائل أدبية. والأدب طاهرة اجتماعية، وفن قديم، ومن أجمل ما دونته الأقلام كتب الأدب والبيان، ومن أروع ما يسطره العباقرة والعمالقة “وعن عمرهم فيما أفناهم”. صاحب هذا الكتاب مغوار في عالم الفلسفة والخاصيات، ومبدع بارع في دوحة الأدب الكلاسيكي.
وعلى أعتاب الأربعين! نعم، إنه مفخرة القلم ومعجز الكلم، كما أنه صادق المنطق والتصوير النوراني.لا يشك أنه يعرف من أين يأكل الكتف ومن يصطاد فريسته. الكتاب تحفة زمان وخير جلس لمن كان له أذواق وخواطر وأفكار.فيه تشويق أدبيّ وإثارة نفسانية، وفيه منهج أدبي وأسلوب مختار.
الكتاب نوع من أنواع الفن النثري— القديم والحديث —، اتبع الكاتب بأسلابه الخاص ومنهجه الفكري والأدبي ولا قداسة عند سرده بذكرياته التاريخية، وقاعاته الدراسية، وحاضراته الجامعية، وجلساته العفوية، وتساؤلاته الطلّابية، ورحلاته الدعوية، ولمحاته العمرية، وعلى أعتاب الأربعين! فهو حكيم أريب، ولبين ألعمي ولوذعي مبتكر، وإجابة عن شبابه فيما أفناه.
وعلى أعتاب الأربعين! الكتاب سيرة ومسيرة، ونضال وتضحية، وكفاح ونجاح،وعقيدة وفلسفة، ورحلة ولمحات، وشواهد ومشاهدات، وتاريخ وأيام، وفيه عبر وعبرة، وكبوة وركلة، ومذكرات ويوميات. يا له من أسلوب راقي، ودورر بيانية وديباجية بلاغية.
وفي رحاب الطرق والحركات الإسلامية يصدقه القول والكلم، وفي رحاب علم الرياضيات والمنطق والعروض يصنعه العجئب، وعند مقالة ” شكرا للواهب الودود ومرحبا بالمولود” تراه روح البيان، وفصاحة اللسان، وحسن المختار، وإنّ من البيان لسحراً. ومع المعلقات والمتنّبي وقصائد أبي العتاهية شاعر مرهف وحاذق باسل. وفي فلذكات للمتون والشروح والحواشي مفسر وداعية. وفي رحاب جامعة شرق أفريقيا — صرح المعرفة والإبداع— يذكره التاريخ والأقـــلام الصومالية والعربية بشكل عام. وفي رحاب الجامعة الوطنية الصومالية فهو مهندس تقنيّ ومحترف مدرّب، وقامة فكرية، ومدرسة كلاسكية، ونافذة لغوية، ومكتبة فلكلورية.
وفي زيارة المقابر وأهل القبور فهو مفكّر وسطيّ وزاهد مبارك. وفي نعمة التكنولوجيا وعالم الحداثة والتطورات البشرية التقنية فهو محرك فعّال. وعلى هامش المواقع الإلكترونية، والمؤتمرات العلمية، والأمسيات الشعرية، والرحلات الجوية، والزيارات السياحية، والجولات الإستشرافية، وعلى أعتاب الأربعين فهو المؤمن الصادق.
ومن الحديث المستحسن والمقارنة العمرية والخبرة المكتسبة عند كاتبنا الصومالي وأديبنا الأكاديمي سرديته الفنّيــة حول مدينة بورعٌــكــر المحروسة – مسقط رأسه، والأجواء العامة في مقديشو 1999م، كما أن رحلته البرية إلى محافظة سناج— أرض الأجداد والتاريخ—، وسفره العلمي والبحثي إلى بــلاد العلم والشعر—أرض شنقيط، لون آخر من الأدب الكلاسكي كأمثال كبار الأدباء والشعراء وفحول الفنون النثرية وعمالة التصوير البياني والأسلوب الانشائي.والأدب نتاج إنساني، وخلاصة التجارب البشرية،ودليل حضارة الامم ورقيها وعنوان ثقافتها وشكل من أشكال التعبير اللغوي عن الفكر والعاطفة والجياشة والبسالة.