مقديشو 09 ديسمبر 2024: إلى الشعب السوري الأبي، بعد معاناة طويلة تحت حكم نظام مستبد، أنتهز هذه الفرصة لأهنئكم بنجاحكم في إسقاط نظام بشار الأسد الذي كان سببًا لمعاناتكم لسنوات طويلة. إن هذا الإنجاز هو خطوة هامة نحو استعادة حريتكم وكرامتكم، ولكن هذه الخطوة تتطلب منكم العمل بحذر وحكمة لضمان تحقيق أهداف الثورة وعدم سرقتها أو الانحراف بمسارها.
أولاً: الحذر من الغرب وأطماعه
إن التاريخ يعلمنا أن الدول الغربية، رغم شعاراتها الديمقراطية، لا ترغب في قيام دولة عربية ديمقراطية مستقرة. مصالحهم دائمًا ما تتعارض مع تطلعات الشعوب نحو الحرية والعدالة. تعاملوا مع هذه القوى بحذر، وحافظوا على استقلال قراركم الوطني. فلا أصدقاء دائمون في السياسة، بل مصالح متغيرة.
ثانيًا: الاحتلال الإسرائيلي وتوسعاته
إن الاحتلال الإسرائيلي يستغل الأزمات التي تعصف بالمنطقة العربية كفرصة لتنفيذ مخططاته الاستعمارية والعدوانية، ويرى في ذلك فرصة ذهبية للاستفادة من انشغال الدول العربية في قضاياها الداخلية، ليواصل تهجير الفلسطينيين والتوسع الاستيطاني على أراضيهم. ارفضو أي خطوات تطبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي التي تتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني وتخدم أهداف الاحتلال.
ثالثًا: التدخل العربي السلبي
لا يمكن إنكار أن بعض الدول العربية تنظر إلى الثورة السورية بقلق، معتبرة إياها تهديدًا لنظمها السياسية. البعض قد يعمل بشكل مباشر أو غير مباشر لإفشال جهودكم في بناء دولة ديمقراطية. تعاملوا مع هذه الدول بوعي، وتمسكوا بأهداف ثورتكم دون السماح لهم بالتدخل في خياراتكم السيادية.
رابعًا: سرقة الثورة والانقسامات
أحد أخطر التحديات التي تواجه الثورات هو سرقتها أو تفككها بسبب الانقسامات الداخلية. يجب أن تتوحدوا حول رؤية وطنية شاملة تمثل الجميع، وأن تتجنبوا الصراعات الداخلية التي يمكن أن تؤدي إلى تدمير ما تم تحقيقه. لقد رأينا في دول مثل الصومال وليبيا كيف قادت الانقسامات إلى حالة من الفوضى والصراعات التي لا تنتهي.
الصومال، بعد سقوط نظام سياد بري، عجزت البلاد عن بناء دولة بسبب الاقتتال الداخلي وعدم وجود رؤية مشتركة.
ليبيا، بعد مقتل القذافي، غرقت البلاد في صراعات الفصائل المسلحة، مما جعلها فريسة سهلة للتدخلات الخارجية.
السودان، رغم إسقاط نظام البشير، لا تزال البلاد تعاني من نزاعات مستمرة وحرب بلا نهاية
خامسًا: دور المثقفين والسياسيين
إن المرحلة الانتقالية تحتاج إلى قيادة واعية ومسؤولة. المثقفون وعلماء السياسة يحملون مسؤولية كبيرة في توجيه البلاد نحو الاستقرار. يجب أن يتم اختيار الأشخاص المناسبين لإدارة الدولة في هذه المرحلة، لأن بناء الدول لا يعتمد على المهارة القتالية وحدها، بل على خبرات سياسية وإدارية قادرة على وضع أسس متينة للدولة.
سادسا: محاكمة المجرمين بسرعة
العدالة، العدالة، هي ما ينادي به الشعب السوري ، فلا يمكن تأجيل محاكمة القتلة والمجرمين والفاسدين الذين تسببوا في معاناة المواطنين السوريين في السجون وفي المهجر. هؤلاء الذين ارتكبوا أبشع الجرائم، من قتل وتشريد وتعذيب، يجب أن ينالوا جزاءهم العادل.
إن محاكمتهم يجب أن تكون محكمة عادلة، تحترم حقوق الإنسان وتلتزم بالقانون، لتكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على الأبرياء. هذه المحاكمة ليست مجرد مطلب قانوني، بل هي حق من حقوق الشعب السوري في إعادة الكرامة والعدالة.
محاكمة هؤلاء المجرمين تمثل خطوة نحو بناء دولة قانون، حيث لا أحد فوق القانون، والعدالة هي أساس الملك كما يقال. فالتأخير في تحقيق العدالة هو بمثابة إصرار على استمرار معاناة الأبرياء، ومن هنا يجب أن تكون المحاكمة قي أقرب وقت ممكن، لتكتب بداية جديدة لمستقبل سوريا
أيها الشعب السوري، اليوم أمامكم فرصة تاريخية لبناء دولة حرة وديمقراطية تمثل تطلعاتكم. استغلوا هذه الفرصة بحكمة، وتعلموا من أخطاء الآخرين. العالم كله يراقب، فكونوا نموذجًا للثورة التي تنجح في تحقيق أهدافها.
حفظ الله سوريا وشعبها.
بقلم الصحفي أحمد محمد أحمد