لا يزال الصراع في مدينة طَهَرْ، الذي اندلع في إقليم سَناغ، بعيدًا عن كونه حدثًا معزولًا، بل يُعدّ جزءًا من نزاع سياسي وإقليمي أوسع، يحمل في طياته تداعيات كبيرة على مستقبل النظام الفيدرالي في الصومال.
فعلى الرغم من أن مدينة طَهَرْ تُعدّ جزءًا من منطقة “هيلان” وفقًا لدستور بونتلاند، فإن موجة العنف الأخيرة زادت من حدة التوتر بين إدارة بونتلاند وكيان خاتمو، الكيان السياسي الناشئ الذي يطالب بالسيادة على أجزاء من أقاليم سول وسَناغ وعَين.
فيما يلي أبرز التطورات المرتبطة بصراع طَهَرْ:
1. تأسيس إدارة خاتمو:
في 13 يوليو 2025، عُقد اجتماع رئيسي في مدينة لاسعَانُود لتأكيد تشكيل الإدارة الإقليمية لخاتمو. وقد شكّل هذا الحدث منعطفًا مهمًا في ترسيخ كيان يتحدى بشكل مباشر السيطرة التاريخية لبونتلاند على مناطق مثل سول وسناغ.
واعتُبر اعتراف الحكومة الفيدرالية بإدارة خاتمو تحوّلًا كبيرًا في شكل الحكم المحلي، وأثار تساؤلات جدية حول وحدة الأراضي التي تدّعيها بونتلاند.
2. تراجع نفوذ بونتلاند على الأرض:
تاريخيًا، كانت مناطق سول وسناغ وعَين محل نزاع مستمر بين بونتلاند وأرض الصومال. لذلك، فإن بروز خاتمو كإدارة معترف بها رسميًا يُضعف قبضة بونتلاند على هذه المناطق، وقد يُمهّد الطريق لإعادة ترتيب سياسي وجغرافي أوسع، يُهدد بفقدان بونتلاند أراضٍ ظلت تديرها لعقود.
3. الشقاقات السياسية وسوابق التوتر:
تمتلك بونتلاند سجلًا حافلًا من التوترات مع الحكومة الفيدرالية، لا سيما عند تشكيل إدارات إقليمية جديدة. وقد برز هذا التوتر سابقًا خلال تأسيس إدارة غلمدغ، عندما اعترضت بونتلاند على طريقة تعامل الحكومة الفيدرالية بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود آنذاك.
ويبدو أن الوضع الحالي يُعيد إنتاج نفس المخاوف القديمة بشأن حدود سلطة المركز واستقلالية الولايات.
4. المكاسب الاستراتيجية للحكومة الفيدرالية:
اعتراف الحكومة الفيدرالية بخاتمو كإدارة إقليمية رسمية يمنحها نفوذًا سياسيًا مباشرًا في منطقة طالما كانت ساحة تنازع بين الكيانات المحلية.
وإذا نجح هذا الاعتراف في ترسيخ الإدارة الجديدة، فسيُتيح للحكومة تعزيز موقعها التفاوضي والسياسي أمام بونتلاند وغيرها من الإدارات المعارضة، مما قد يُعيد رسم توازنات القوى داخل البلاد.
5. تقاسم السلطة ونظام 4.5:
يُعدّ نظام المحاصصة المعروف بـ4.5 أحد أكثر عناصر النظام السياسي الصومالي إثارة للجدل، بسبب ما يُقال عن عدم شموليته وتهميشه لبعض المكونات.
وقد يُمثّل إدماج خاتمو في المعادلة الفيدرالية حلاً مؤقتًا لبعض جوانب الخلل، وربما يُخفف من حدة المعارضة السياسية، بل ويُقدّم نموذجًا جديدًا لتوزيع السلطة داخل النظام الفيدرالي.
إن الصراع الدائر في طَهَرْ، وما يُرافقه من تحولات سياسية متسارعة، يُشكّل لحظة مفصلية في مسيرة الفيدرالية الصومالية.
فإقامة إدارة خاتمو لا يُعيد فقط تشكيل التحالفات السياسية، بل قد يُغيّر ملامح الحكم الإقليمي، ويُعقّد العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وبونتلاند، بل ومع الكيانات الأخرى داخل البلاد.