نيروبي ( بوابة الصومال) — رفضت المحكمة العليا في كينيا إصدار أوامر تحفظية كانت ستؤدي إلى تأجيل دفن رئيس الوزراء الأسبق رايلا أودينغا، والمقرر يوم الأحد 19 أكتوبر 2025.
وجاء القرار بعد التماس قدمه أحد المواطنين بحجة أن موعد الدفن ينتهك الأعراف الثقافية لقبيلة اللوو ولا يليق بمكانة الراحل السياسية والتاريخية. وأشار الملتمس إلى أن دفن أودينغا خلال 72 ساعة من وفاته يعد متسرعًا ولا يتماشى مع الطقوس الجنائزية التقليدية للوو.
وبحسب وثائق المحكمة، أكد الملتمس أن أودينغا، الذي تم تتويجه رسميًا كشيخ من قبل مجلس شيوخ اللوو عام 2020، يستحق مراسم دفن تقليدية مهيبة تعكس مكانته الوطنية. كما قارن بينه وبين شخصيات تاريخية مثل جومو كينياتا ومواي كيباكي وتوم مبويا الذين حظوا بمراسم دفن رسمية مهيبة.
وأشار أيضًا إلى عدم وجود دليل موثوق يثبت أن أودينغا طلب أن يُدفن خلال 72 ساعة، محذرًا من أن التسرع في الدفن قد يتعارض مع عادات الحداد الثقافية المتبعة في المجتمع. واستند الملتمس إلى المادة 44 من الدستور الكيني التي تضمن لكل فرد الحق في ممارسة ثقافته والمشاركة في الحياة الثقافية.
لكن القاضي تشاتشا مويتا رفض الالتماس، موضحًا أن المدعي لم يقدم دليلاً يثبت أن خطط الدفن تتعارض مع رغبة أودينغا الشخصية، مشيرًا إلى غياب أي إثبات على أن الإجراءات التي تتخذها الأسرة تخالف إرادة الراحل.
وأعرب القاضي عن عدم قناعته بمدى الاستعجال الذي قدمه المدعي، مؤكدًا أن القضية لا تستوفي الشروط القانونية اللازمة للتدخل القضائي العاجل.
وأكد الحكم أن القضاء يتعامل بحذر مع القضايا المرتبطة بالموت والعادات الثقافية، خصوصًا عندما لا تكون نوايا المتوفى واضحة. وبذلك، منحت المحكمة الأسرة حرية المضي قدمًا في ترتيبات الدفن باعتبارها الجهة الأعرف برغبات الفقيد.
وتُبرز القضية التوازن الدقيق بين الحقوق الفردية والعادات الثقافية والسلطة القانونية في كينيا. ورغم أن الحقوق الثقافية محمية دستوريًا، شددت المحكمة على ضرورة موازنتها مع حق الأسرة في اتخاذ القرارات ما لم يثبت وجود انتهاك دستوري واضح.
وبناءً على الحكم، يُسمح بمواصلة التحضيرات لدفن أودينغا كما هو مخطط له، استنادًا إلى تأكيد الأسرة أن رغبة الفقيد كانت أن يُوارى الثرى خلال ثلاثة أيام من وفاته.
ويُعد هذا الحكم سابقة قانونية مهمة تؤكد أن العادات الثقافية، رغم أهميتها، لا تتجاوز إرادة الفرد أو أسرته ما لم يكن هناك أساس قانوني واضح يستوجب تدخل المحكمة.