وصول جثمان رايلا أودينغا إلى كينيا يُغرق البلاد في الحزن.

نيروبي: كيفر أوتيونو، براين كبرونو- خدمة دوان أفريكا.

نيروبي( بوابة الصومال) — خيّم الحزن على كينيا صباح الخميس مع وصول جثمان رئيس الوزراء الأسبق رايلا أودينغا إلى مطار جومو كينياتا الدولي (JKIA)، في بداية أسبوع وطني من الحداد تكريماً لأحد أبرز رموز السياسة والنضال في تاريخ البلاد.

في تمام الساعة 9:40 صباحاً، هبطت طائرة الخطوط الجوية الكينية القادمة من مومباي – الهند، حاملة جثمان الزعيم الراحل. وفي إشارة رمزية مؤثرة، غيّرت الخطوط الجوية الكينية رمز نداء الرحلة إلى KQ RAO001 عند دخولها الأجواء الكينية، تكريماً للحروف الأولى من اسم الرجل الذي عُرف شعبياً باسم “بابا”.

على أرض المطار، كان رئيس الجمهورية وليام روتو في مقدمة المستقبلين، يرافقه نائب الرئيس كيثوري كينديكي ووزير الداخلية كيبشومبا موركومين، إلى جانب شخصيات سياسية بارزة من مختلف التوجهات.
كما حضر الرئيس الأسبق أوهورو كينياتا وعدد من الوزراء والنواب ورجال الدين، في مشهد جسّد وحدة وطنية في لحظة الحزن.

وعند فتح أبواب الطائرة، دوّى نشيد ديني مؤثر أدّته الفرقة العسكرية، بينما تقدّم حملة النعش العسكريون بخطوات دقيقة لاستلام التابوت الملفوف بالعلم الكيني. وقف الأساقفة للصلاة بينما تم إنزال النعش برفق وحمله من الطائرة.

ورافق الجثمان وزير الخارجية موساليا مودافادي الذي ترأس الوفد الرسمي إلى الهند، إضافة إلى أرملة الراحل الدكتورة إيدا أودينغا وشقيقه الأكبر الدكتور أوبورو أودينغا. كانت إيدا متأثرة بشدة وهي تتلقى العزاء من عائلتها وأصدقائها ومناصري الحزب.

وخارج المطار، تجمّعت حشود ضخمة من المشيعين، لوّح بعضهم بالأعلام ورفع آخرون صور رايلا أو ارتدوا قمصاناً وقبعات بألوان حزب ODM. حاولت الشرطة جاهدة السيطرة على تدفق الجماهير التي ازدحمت الطرق المؤدية إلى المطار، بينما علت الأناشيد والهتافات والدموع في مشهد يعكس حباً ووفاءً نادراً.

رمزية اللحظة كانت تتجاوز مجرد عودة جثمان زعيم سياسي — إذ جسدت وحدة وطنية وشعوراً جماعياً بالخسارة لرجل يُعتبر على نطاق واسع “أب التحرر الثاني” في كينيا.

يُعرض الجثمان منذ ظهر الخميس في مبنى البرلمان لتمكين المواطنين من إلقاء النظرة الأخيرة عليه حتى الساعة الخامسة مساءً، قبل إقامة جنازة رسمية يوم الجمعة في ملعب نيايو، بحضور شخصيات محلية ودولية بارزة.
وسينتقل الجثمان بعدها إلى منزله في كارين للمبيت، على أن يُنقل يوم السبت إلى ملعب كيسومو موي لعرضه أمام الجماهير، قبل أن يُوارى الثرى يوم الأحد في مسقط رأسه بوندو – مقاطعة سيايا، تنفيذاً لرغبته في الدفن خلال 72 ساعة من وفاته.

وقد أُلغيت المراسم المقررة في المطار بسبب التدافع الجماهيري الكبير، إذ اضطرت الأجهزة الأمنية إلى تعديل الخطة وتسيير موكب الجثمان مباشرة إلى مشرحة لي (Lee Funeral Home) بعد أن غمرت الحشود المدرجات والطرقات في مشهدٍ وصفه المراقبون بأنه تعبير شعبي غير مسبوق عن الحزن والوفاء.

في الحياة كما في الممات، وحّد رايلا أودينغا أمةً كانت منقسمة، تاركاً إرثاً من النضال والديمقراطية والأمل سيبقى محفوراً في ذاكرة كينيا لأجيال قادمة.