نيروبي ( بوابة الصومال) — أثار حكم صادر عن المحكمة العليا في كينيا جدلاً واسعًا حول القيم الأخلاقية، بعد أن قضت المحكمة بأن تداول المحتوى الإباحي لا يُعد جريمة بموجب القانون الكيني، وأمرت بتعويض مجموعة من صانعي الأفلام والطلبة بمبلغ 4.8 مليون شلن كيني عقب اعتقالهم ومضايقتهم بشكل غير قانوني من قبل الشرطة.
وفي حكم وصف بـ«سابقة قضائيًة»، أوضحت المحكمة أن نشر أو مشاركة المواد الجنسية الصريحة، والمعروفة شعبيًا باسم «المحتوى الإباحي»، لا يندرج ضمن أي نص قانوني يجرّمه في كينيا.
وصدر الحكم لصالح مجموعة من صانعي الأفلام والطلبة الذين تعرضوا لـ اعتقالات ومداهمات غير قانونية واعتداءات بدنية وابتزاز من عناصر في الشرطة. وترأست الجلسة القاضية فلورنس موتشيمي، التي أكدت أن ما قامت به الشرطة يمثل انتهاكًا جسيمًا للحقوق الدستورية للمشتكين.
وتعود القضية إلى سلسلة من المداهمات التي نفذها عناصر من مركز شرطة جوجا عامي 2022 و2023 ضد منزل المخرج ديك أوكو، الذي يدير استوديو للرسوم المتحركة من مقر إقامته. وأفاد أوكو بأن المضايقات بدأت بعد رفضه دفع رشاوى مالية طُلبت منه من قبل بعض الضباط.
وبحسب وثائق المحكمة، فقد وقعت الحادثة الأولى في نوفمبر 2022 عندما طالب شرطيان أوكو بتراخيص عمل وهدداه بالاعتقال إن لم يمتثل، قبل أن يصادرا معدات التصوير ويطلبا رشوة قدرها 10 آلاف شلن كيني.
وفي مايو 2023، داهم 14 ضابطًا منزله دون مذكرة تفتيش، وصادروا أجهزة حاسوب وهواتف واعتقلوه مع ستة من زملائه بتهمة «نشر محتوى إباحي».
وأُطلق سراح المجموعة بعد ثلاثة أيام مقابل كفالة جماعية قدرها 100 ألف شلن كيني، لكن القضية لم تُحال إلى المحكمة كما كان مقررًا.
وقالت القاضية موتشيمي إن الاعتقالات كانت باطلة وغير قانونية، إذ فشل الضباط في تقديم مذكرات تفتيش أو مبررات قانونية بموجب قانون الجرائم الإلكترونية أو القانون الجنائي الكيني. كما اعتبرت تدمير معدات الاستوديو، التي بلغت قيمتها ملايين الشلنات، انتهاكًا واضحًا للخصوصية وحقوق الملكية.
وأظهرت صور مقدمة للمحكمة أجهزة محطمة وإصابات بدنية لحقت بالضحايا، إلى جانب كشوفات بنكية تُثبت محاولات ابتزاز. وكشفت الوثائق أن الفريق كان يعمل على مشروع رسوم متحركة لصالح مناقصة حكومية حين تمت المداهمات، مما أدى إلى توقف الإنتاج بالكامل.
وأكدت القاضية أن «نشر المواد الإباحية» ليس جريمة محددة في التشريعات الكينية، موضحة أن حيازة هذا النوع من المحتوى ليست مخالفة ما لم تتعلق بـ قُصَّر أو تدخل في إطار الفحش العام. وأضافت أن اعتقال صانعي الأفلام كان انتهاكًا للدستور وإساءة لاستخدام السلطة الشرطية.
وجاء في الحكم أن الاعتقال تم دون شكوى رسمية أو أساس قانوني، وأن تصرفات الضباط كانت مدفوعة بـ الانتقام والفساد أكثر من تطبيق القانون.
وحصل الضحايا على تعويضات تشمل 3.6 مليون شلن لانتهاك الحقوق الأساسية، ومليون شلن للخسائر التجارية، و200 ألف شلن للأضرار المعنوية والجسدية.
وفي المقابل، نفت مكتب المفتش العام للشرطة تورط الضباط في أي مخالفة، لكنه عجز عن تقديم أدلة تدعم موقفه. فيما أكدت هيئة الرقابة المستقلة على الشرطة (IPOA) أنها حققت في القضية وخلصت إلى أن الشرطة انتهكت عدة حقوق دستورية، وأوصت بإحالة الشكوى إلى مكتب المدعي العام (DPP) لاتخاذ الإجراءات اللازمة.