لماذا قاطعنا المسرحية السياسية للرئيس حسن شيخ؟ (مقال رأي)

بقلم / عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي**

أطلق الرئيس حسن شيخ محمود يوم الإثنين، 16 يونيو 2025، المنصة الوطنية للتشاور التي طال انتظارها، لكن الحدث شابه غياب أبرز أصحاب المصلحة السياسيين. فقد رفضت المعارضة، إلى جانب ولايتي بونتلاند وجوبالاند، المشاركة، مما أثار تساؤلات جدية حول شرعية هذا المسار.

لا يمكنك اختيار معارضيك

كان الحضور في هذا الاجتماع محصورًا في حلفاء الرئيس، والمناصرين لحزبه، ووزراء حكومته، ومؤيديه، بينما تم تهميش الأصوات المنتقدة. وبهذا الفشل في تقديم أجندة واضحة، كان الرئيس في الواقع ينتقي جمهوره بدلًا من العمل على حوار مفتوح وشامل.

المعارضة الحقيقية موجودة لمحاسبة السلطة، وتحدي السياسات الخاطئة، وكشف إخفاقات الحكومة. وهي ليست دورًا يمكن منحه للموالين السياسيين، ولا يمكن إخراسها بالإقصاء. ومع ذلك، يبدو أن نهج الرئيس حسن شيخ يشير إلى تفضيله وجود معارضة مطواعة لا تعارض قراراته، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الخلافية.

خدعة “صوت واحد لكل مواطن”

في حين يزعم الرئيس التزامه بنظام انتخابي يقوم على مبدأ “صوت واحد لكل مواطن”، ويصور المعارضة كخصوم لهذا النظام، إلا أن هذا الادعاء فارغ من مضمونه. هذا الموقف، رغم تغليفه بشعارات ديمقراطية، ليس سوى مسرحية سياسية مصممة بعناية لإخفاء غياب أي إصلاح حقيقي. الحقيقة الواضحة أن دعمه لنظام “صوت واحد لكل مواطن” لا يحمل مضمونًا جديًا ولا نية صادقة.

القانون الانتخابي المقترح لا يزال يخصص المقاعد البرلمانية وفقًا للتمثيل القبلي، مما يعني أن من يحق له الترشح لأي مقعد يجب أن ينتمي إلى القبيلة المخصصة لذلك المقعد. هذا لا يُعد انتخابًا مباشرًا، بل نظامًا غير مباشر قائمًا على المحاصصة القبلية.

المعارضة لا تعارض التقدم الانتخابي. بل تطالب بنقاش حقيقي حول كيفية تحسين النموذج الانتخابي، بدلًا من العودة إلى النظام المعيب الذي أُقر في 2022. أما محاولة الرئيس التلاعب بالمصطلحات الانتخابية لإرباك الرأي العام وتمديد ولايته القريبة من الانتهاء، فهي خدعة قديمة محكوم عليها بالفشل.

تعديلات دستورية أحادية

يمثل التعديل الدستوري أحتدي الجانب الذي قام به الرئيس حسن شيخ محمود، لا سيما المواد 69 و89 و90 التي تنظم الانتخابات الرئاسية وصلاحيات السلطة التنفيذية، خروجًا خطيرًا عن التقاليد الديمقراطية الراسخة في الصومال.

لطالما كانت الانتخابات الرئاسية في الصومال تُجرى عبر عملية شفافة يقودها تصويت ثلثي أعضاء البرلمان، وهو نظام منصوص عليه في دستور 1960، الذي أُقر باستفتاء شعبي، وحُفظ في جميع الدساتير المؤقتة اللاحقة. حتى خلال سنوات الفوضى الحزبية في الستينيات، ورغم التزوير في الانتخابات البرلمانية، إلا أن الانتخابات الرئاسية التي كان يقوم بها النواب كانت أكثر مصداقية واستقرارًا.

إن دوافع الرئيس حسن شيخ لهذه التعديلات تثير الشكوك العميقة. ويبدو أن غاياتها تدور حول احتمالين اثنين:

            1.         التلاعب بالانتخابات من خلال حصرها في مقديشو وعدد محدود من المناطق الخاضعة لسيطرته لضمان نتائج معروفة سلفًا.

            2.         تمديد ولايته إلى أجل غير مسمى بذريعة الانتقال إلى نظام “صوت واحد لكل مواطن”، بدافع قلقه من أن البرلمان لن يعيد انتخابه.

الرئيس حسن شيخ كرجل سياسي مخضرم، يعرف هذا التاريخ جيدًا. لقد أمضى سنوات في صفوف المعارضة مطالبًا بحكم شامل، مُدينًا نزعات سلفه السلطوية. واليوم، وقد أصبح في السلطة، يجب عليه التخلي عن هذه الأساليب الانقسامية والانخراط في مفاوضات حقيقية مع قادة المعارضة والولايات الفيدرالية المعارضة، لأن مستقبل استقرار الصومال يتوقف على ذلك.

الطريق إلى الأمام: حوار لا خطاب أحادي

إذا كان الرئيس حسن شيخ جادًا في تحقيق الاستقرار، فعليه إنهاء سياسة الإقصاء والانخراط في مفاوضات حقيقية مع جميع أصحاب المصلحة، بمن فيهم المعارضة والولايات الفيدرالية الرافضة. وينبغي أن يركز في الأشهر المتبقية من ولايته على بناء التوافق لا تعميق الانقسامات.

إن مقاطعتنا تعكس رفضًا واسعًا للاستشارات الشكلية التي تتجاهل المظالم الحقيقية. وبدون عملية شاملة وجادة، ستزداد الأزمة السياسية في الصومال سوءًا.

** عضو البرلمان الصومالي الفيدرالي، وزعيم معارض، ورئيس حزب وَدَجِرْ، ومرشح للانتخابات الرئاسية.


الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر بوابة الصومال.