افتتاحية: الصومال معرضة لفقدان حليفها الأهم في سبيل وعود الصين الفارغة.

بينما يدفع بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي علنًا نحو الاعتراف بصوماليلاند في واشنطن، يرسل قصرُ الرئاسة في مقديشو كبار المسؤولين إلى بكين لحضور ورش عمل واستقبالات رسمية.

في لحظة تواجه الصومال  أحد أهم اختبارات سيادتها منذ عقود، يبدو أن الحكومة مشتتة بانشغالها بالظهور في الصور مع الصين—دون تقديم أي مساعدات، أو استثمارات، أو تعاون عسكري حقيقي.

تقف الصومال عند مفترق خطير في سياستها الخارجية. فمع تزايد حملة الاعتراف بصوماليلاند في واشنطن—خصوصًا بين المستشارين المقربين من الرئيس دونالد ترامب—تخاطر مقديشو بفقدان أهم حليف لها، الولايات المتحدة، نتيجة مطاردة إشارات رمزية من بكين لا تقدم أي قيمة حقيقية.

على مدى عقدين، كانت الولايات المتحدة الشريك الأهم للصومال، مقدمة مليارات الدولارات في شكل مساعدات عسكرية وإنسانية ودعم مباشر للميزانية. وقد دافعت القوات الأمريكية عن الصومال ضد حركة الشباب، ونفذت ضربات دقيقة، ودربت وحدات النخبة مثل قوات “دَنَبْ”، كما قادت جهود تخفيف الديون القديمة لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مما أتاح تمويلًا عاجلًا ومهمًا. هذه التزامات استراتيجية، وليست مجرد مظاهر شكلية.

في المقابل، اقتصر وجود الصين خلال السنوات الخمس الماضية على ورش عمل وتدريبات قصيرة ومنح دراسية واستقبالات مصطنعة—ظهور أنيق بلا مضمون. وحتى الاجتماعات المتكررة بين السفير الصيني وقادة الصومال تبدو موجهة أكثر للضغط على مقديشو لتبني مواقف الصين بشأن تايوان وصوماليلاند. كما وصف مسؤول صومالي كبير، فإن الصين تستثمر في “الظهور، لا المسؤولية.”

تكمن الخطورة الحقيقية لدى المسؤولين الأقل رتبة، الذين تغريهم الرحلات الخارجية والبدلات والأضواء، إذ تخدم حماستهم لمظاهر الصين مصالحهم الشخصية وليس مصلحة الصومال الاستراتيجية.

في هذه اللحظة الحاسمة، لا يمكن لمقديشو أن تُسيء قراءة الموقف الأمريكي. فأي انطباع بأن الصومال تميل نحو بكين قد يضعف الدعم الثنائي الذي اعتمدت عليه طويلاً. الانخراط مع الصين ليس خاطئًا بطبيعته—لكن يجب أن يخدم المصالح الوطنية، وليس الامتيازات الشخصية.

يجب على الصومال أن تؤسس سياستها الخارجية على الواقع: فالولايات المتحدة دفعت دماء وموارد لاستقرار البلاد، بينما لم تنفق الصين سوى ما يعادل تكلفة الاستقبالات الفندقية. ويجب على الحكومة أن تعطي الأولوية للجائزة الاستراتيجية: الحفاظ على ثقة واشنطن ودعمها، خصوصًا مع تصاعد حملة الاعتراف بصوماليلاند. وأي تقصير في ذلك سيكون هدية لصوماليلاند وضررًا بالغًا لسيادة الصومال.