أبوظبي في 11 فبراير /بوابة الصومال / بعد مرور نحو 4 عقود على الكارثة التي أودت بحياة نحو مليون نسمة في إثيوبيا، عادت المخاوف بشأن تكرار فصول تلك المجاعة، حيث يحذر المسؤولون في إقليم تيغراي، من أن هذا السيناريو مرشح للرجوع بقوة في المنطقة الواقعة شمالي البلاد.
وبحسب صحيفة “تايمز” البريطانية، فإنه كان المفترض أن يتعافى إقليم تيغراي من حرب أهلية استمرت عامين وانتهت في نوفمبر 2022، لكن التقدم كان بطيئا حيث لا يزال جميع سكان المنطقة البالغ عددهم 6 ملايين نسمة تقريبا، يعتمدون على المساعدات.
وتعرض الإقليم لواحدة من أشد حالات الانقطاع عن العالم، حيث لم تتمكن شاحنات المساعدات من الدخول إليه. ووصف الاتحاد الأوروبي القيود المفروضة على المنطقة بأنها “حصار”، في حين اتهمت لجنة من خبراء الأمم المتحدة الحكومة الإثيوبية بـ”استخدام الجوع كسلاح”، وهو ادعاء نفته أديس أبابا بشدة.
وفي رحلة قام بها مؤخرًا إلى تيغراي، أكد وزير شؤون أفريقيا في المملكة المتحدة، أندرو ميتشل، أن هناك حاجة إلى اتخاذ “إجراءات عاجلة لتجنب مجاعة أخرى”، وتعهد بتقديم 100 مليون جنيه إسترليني (126 مليون دولار أميركي تقريبا) لجهود الإغاثة.
وتابع: “الملايين محاصرون في أماكن نزوحهم، وهم يعانون الجوع، لاسيما النساء والأطفال الذين يعتبرون الفئة الأضعف في الحروب والنزاعات.. ونحن بحاجة إلى التصرف بسرعة والتحرك الآن”.
وفي سياق ذي صلة، أعرب باحثون في جامعة غنت في بلجيكا، عن اعتقادهم بأن مئات الآلاف ماتوا في إقليم تيغراي بسبب الجوع ونقص الدواء.
وبدأت شاحنات الغذاء بالتدفق إلى تيغراي بعد انتهاء الحرب، لكن بعد ذلك بوقت قصير، اكتشف عمال الإغاثة أن مسؤولين “كانوا يسرقون الإمدادات المخصصة للجياع، على نطاق واسع”، وفق الصحيفة البريطانية.
وفي مارس، علقت كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة تسليم المواد الغذائية إلى إقليم تيغراي، وذلك قبل أن تتوقف المساعدات الدولية بشكل نهائي في يونيو الماضي.
“بانتظار الموت”
ويعد ذلك التوقف بمثابة كارثة بالنسبة لأكثر من 20 مليون نسمة في جميع أنحاء إثيوبيا يعتمدون على المساعدات الغذائية، خاصة خلال الأشهر العجاف من موسم الزراعة حيث تكون المخزونات الغذائية للمزارعين منخفضة.
وبسبب الجفاف الذي تشهده البلاد، لم يبق للكثير من المحتاجين سوى القليل من الطعام أو لا شيء على الإطلاق.
وكان إنتاج المحاصيل في منطقة أتسبي في تيغراي 3 في المئة فقط من الإجمالي المتوقع، حيث تقع تلك البقعة من البلاد على جرف خصب.
وتقول أزميرا جبر مريم، إحدى سكان المنطقة والبالغة من العمر 79 عامًا، إن “الناس بدأوا يموتون من الجوع”، مضيفة: “لقد دفنا الكثير من الأشخاص”.
وتابعت: “نحن ننتظر أن نقضي جوعاً حتى الموت أمام أنظار بعضنا البعض”.
وفي أوروميا، أكبر إقليم في إثيوبيا، أدى التمرد العرقي المستمر منذ فترة طويلة إلى تدمير الاقتصاد وتعطيل النظام الصحي، مما أدى إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال إلى 47 في المئة في بعض مناطق الإقليم.
وفي إقليم أمهرة، أدى تمرد إلى جعل عمال الإغاثة يكافحون للوصول إلى المناطق المنكوبة بالجفاف لتوزيع الغذاء.
وبعد 5 مواسم ممطرة فاشلة، تعرضت منطقة أوغادين، شرقي البلاد، لفيضانات وسيول في أواخر العام الماضي، حيث تسببت في نزوح 400 ألف شخص.
وفي الوقت نفسه، يحذر نظام الإنذار المبكر بالمجاعة المدعوم من الولايات المتحدة، من أن الجوع في جميع أنحاء البلاد سيزداد سوءًا من الآن وحتى مايو المقبل.
ولا يزال تأثير الحرب ملموسًا بشدة في تيغراي، ففي العام الماضي لم يكن من الممكن زراعة أكثر من نصف الأراضي الزراعية في المنطقة، بسبب انعدام الأمن المستمر.
ويعني انعدام الأمن نفسه أن أكثر من مليون نازح لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، ومن بينهم ألماظ جبري ميكائيل، التي فرت من منزلها غربي الإقليم قبل 3 سنوات، بسبب سماعها أصوات طلقات نارية كثيفة.
واتهمت وزارة الخارجية الأميركية “قوات أمهرة” المتحالفة مع الحكومة الفيدرالية، بارتكاب جرائم تطهير عرقي في إقليم تيغراي.
وتعيش ميكائيل وعائلتها الآن في بناء مدرسة قذر ومهجور في بلدة أبي عدي في تيغراي، مع مئات النازحين الآخرين، الذين يعيشون على المساعدات غير المنتظمة من الجمعيات الخيرية المحلية، وينامون على “مراتب” موضوعة على أرضيات الفصول الدراسية المزدحمة.
وأوضحت ميكائيل بأسى: “لا يوجد شيء تقريبًا للأكل.. أطفالنا يتضورون جوعا”.
واستأنفت جماعات الإغاثة تسليم المواد الغذائية على نطاق صغير إلى إثيوبيا في ديسمبر، بعد إدخال إصلاحات لمكافحة الفساد.
وقال برنامج الأغذية العالمي هذا الأسبوع، إنه سيكثف عمليات التوزيع، لكنه حذر من أنه يفتقر إلى الموارد الضرورية.
المصدر : الحرة.