هرغيسا 16 نوفمبر/ من هرغيسا إلى مقديشو، ومن جيبوتي إلى جيغجيغا، والمدن الصومالية الأخرى، عمّت رسائل التعازي بعد التأكيد على وفاة الرئيس الرابع لأرض الصومال، أحمد محمد محمود (سيلانيو).
تعكس رسائل التعزية من القادة والمفكرين شخصيته الفريدة، حيث كان أحد السياسيين الصوماليين الذين تركوا إرثًا يُذكر عبر الأجيال.
ويُعتبر أحمد محمد محمود، المعروف بسيلانيو، أحد أبرز الشخصيات السياسية في التاريخ الصومالي الحديث.
شغل مناصب قيادية بارزة في الحكومة الصومالية وأرض الصومال، وترك بصمة لا تُنسى في النضال السياسي والجهود التنموية والمصالحة الوطنية.
عُرف بحكمته وشخصيته المميزة التي حظيت بتقدير القادة والمفكرين والكتاب على حد سواء.
فما الذي نعرف عن سيرة أحمد محمد محمود (سيلانيو)؟
الميلاد والتعليم
وُلد أحمد محمد محمود، المعروف باسم “سيلانيو”، في مدينة بورعو بمحافظة “توغطير” عام 1936، وقيل في عام 1938، أكمل تعليمه الأساسي والمتوسط والثانوي في مدرستي شيخ وعمود خلال الفترة ما بين 1946 و1960.
في الفترة ما بين 1960 و1965، التحق أحمد سيلانيو بجامعة “مانشستر” في بريطانيا، حيث حصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في علم الاقتصاد.
المناصب الحكومية في الصومال
عمل أحمد سيلانيو في وزارة التخطيط خلال الحكومة المدنية في الصومال بين عامي 1965 و1969، حيث وصل إلى مدير عام.
وبعد انقلاب الجيش واستيلائه على الحكم في 21 أكتوبر 1969، تم تعيينه وزيرًا لوزارة التخطيط. كما تولى لاحقًا عدة مناصب أخرى، منها: وزير التجارة، ورئيس اللجنة الوطنية للاقتصاد حتى عام 1982، حين استقال من حكومة النظام العسكري.
الانضمام إلى الحركة الوطنية المعارضة
في عام 1982، انتقل أحمد سيلانيو إلى مدينة لندن، حيث انضم إلى الحركة الوطنية الصومالية، وتم تعييته ممثلًا لمكتب الحركة في لندن. ثم أصبح رئيسًا للحركة خلال الفترة ما بين 1984 و1990م.
دوره البارز في إعلان استقلال أرض الصومال
يُعد أحمد محمد محمود (سيلانيو) من أبرز المثقفين والقادة الذين لعبوا دورًا حاسمًا في مؤتمر المصالحة القبلية الذي عُقد في مدينة بورعو في مايو 1991. كان لهذا المؤتمر أهمية تاريخية، حيث أُعلن فيه استقلال أرض الصومال عن بقية الصومال.
ساهم سيلانيو في تحقيق هذا الإنجاز من خلال خبرته وحكمته في تقريب وجهات النظر بين القبائل وضمان نجاح عملية السلام والاستقلال.
بعد إعلان استقلال أرض الصومال، استمر أحمد سيلانيو في المشاركة الفعالة في بناء الدولة الجديدة، وشغل عضوية البرلمان في أرض الصومال خلال الفترة من 1993 إلى 1997م.
وفي السنوات من 1997 إلى 2000، كان جزءًا من مجلس الوزراء في حكومة أرض الصومال، حيث تولى المناصب التالية: وزير المالية، حيث أدار السياسة المالية وساهم في وضع أسس الإدارة الاقتصادية، ووزير التخطيط، و كان مسؤولًا عن صياغة خطط التنمية الوطنية، ورسم السياسات التي تدعم بناء البنية التحتية، والنهوض بالاقتصاد.
وتميزت فترة خدمته في الحكومة بالتزامه بتحقيق الاستقرار والتنمية في الدولة الناشئة.
تأسيس حزب “كولميه” والرئيس الرابع لأرض الصومال
مع انطلاق التعددية الحزبية في أرض الصومال، قام أحمد محمد محمود (سيلانيو) عام 2002 بتأسيس حزب “كولميه ” المعارض، وأصبح رئيسًا له. كان سيلانيو في ذلك الوقت أبرز قادة المعارضة في وجه الرئيس طاهر ريالي كاهن.
في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في أبريل 2003، خسر بفارق ضئيل جدًا، لكنه لم يستسلم بل استمر في الترشح مرة أخرى، مما أدى إلى انتخابه رئيسًا لأرض الصومال في عام 2010م.
إنجازاته خلال فترة حكمه
خلال فترة رئاسته التي استمرت سبع سنوات، تميز سيلانيو بإطلاق عدد من المشاريع المهمة، ومن أبرز إنجازاته: بناء المؤسسات الحكومية الأساسية لأرض الصومال، وتحسين الخدمات التنموية في قطاعات التعليم، والصحة، والبنية التحتية، وبدء المفاوضات مع الحكومة الصومالية في مقديشو لتعزيز مكانة أرض الصومال.
الترك عن السلطة والتقاعد
في عام 2017، وبعد انتهاء ولايته الرئاسية، سلّم أحمد سيلانيو، السلطة بشكل سلمي إلى خلفه موسى بيحي عبدي، الذي فاز في انتخابات تنافسية ضد مرشح المعارضة عبدالرحمن عرو.
وفاته
بعد سنوات من التقاعد السياسي، قضى سيلانيو آخر أيامه في هدوء بمدينة “هرغيسا”، حيث وافته المنية الليلة الماضية.
يُذكر كأحد القادة التاريخيين الذين تركوا بصمة عميقة في مسيرة أرض الصومال نحو الاستقرار والتنمية.
الحياة العائلية
لدى أحمد سيلانيو، خمسة أبناء: ثلاثة ذكور ،وبنتان.
وقال المؤرخ والكاتب، محمد حاج “انغريس” ، إن أحمد محمد محمود، سيذكر كواحد من القلائل من خبراء الإدارة الحكومية الذين تميزوا بمهاراتهم في إدارة وتخطيط الاقتصاد الوطني للصومال بعد الاستقلال عام 1960، مضيفا انه كان يتمتع بمعرفة عميقة في مجالات التنظيم والتخطيط والإحصاء. ووصف انه العقل المدبر وراء العديد من المشاريع التنموية التي نفذها النظام العسكري بين عامي 1970 و1974، قبل تدهور الأوضاع لاحقًا.
وُصف سيلانيو بأنه مثقف بارع في تطوير الأفكار حول تعزيز السلطة الحكومية، وتوزيعها بشكل تدريجي لصالح الشعب. كان صاحب رؤية مبدعة تمكنه من تصميم برامج جديدة لتعزيز النمو الإنتاجي في الصومال.
خلال فترة رئاسته لجمهورية أرض الصومال ” الانفصاليه” التي أعلنت استقلالها الذاتي، قاد أحمد سيلانيو جهودًا لتحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي، ووصفه من عرفوه بأنه رجل حكيم ركز على السلام والتعايش بين أفراد المجتمع.
وقد عبّر قادة الصومال في مناطقهم المختلفة عن تعازيهم في وفاة أحمد محمد محمود سيلانيو، مشيدين به كرمز سياسي ومصلح مخضرم غاب عن الساحة الصومالية.