مقديشو، بوابة الصومال
يحمل إعلان رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري عزمه زيارة مدينة لاسعانود، أبعادًا سياسية تتجاوز كونها مجرد زيارة ميدانية، ليكشف عن عمق التحولات الجارية في خريطة النفوذ والشرعية داخل الصومال، خصوصًا في ظل الاعتراف الفيدرالي الأخير بإدارة SSC-خاتمو ككيان مستقل عن بونتلاند وصوماليلاند.
الزيارة المرتقبة، التي لم يُحدد موعدها بعد، تُعد الأولى من نوعها لمسؤول فيدرالي رفيع إلى لاسعانود خلال العقود الثلاثة الماضية، ما يضفي عليها رمزية كبيرة، خاصة في سياق النزاع الثلاث القائم بين الحكومة الفيدرالية وصومالي لاند وبونت لاند حول هذه المنطقة.
سياسيًا، يبدو أن الحكومة الفيدرالية تسعى من خلال هذه الخطوة إلى ترسيخ شرعية إدارة SSC-خاتمو، التي تشكلت عقب تمرد شعبي وموقف موحد من شيوخ القبائل المحليين أعلنوا خلاله فك ارتباطهم بكل من صوماليلاند وبونتلاند، مؤكدين ولاءهم المباشر لمقديشو. وجاء الاعتراف الرسمي في أكتوبر 2023 ليعزز هذا التوجه، ويفتح الباب أمام إدماج الإقليم في البنية الفيدرالية من خلال خارطة طريق انتقالية.
وفي حين أعرب مسؤولو SSC-خاتمو عن ترحيبهم الكبير بالزيارة المرتقبة، معتبرين إياها دعمًا سياسيًا ومعنويًا لشعبهم، جاءت ردود الفعل من صوماليلاند غاضبة، إذ اعتبر وزير الإعلام أحمد ياسين علي تصريحات حمزة “استفزازًا ومحاولة لفرض أمر واقع”، مؤكدًا أن صوماليلاند لن تتخلى عن ما تعتبره “سيادتها التاريخية”.
اللافت في التوقيت أن الزيارة تأتي في ظل استعداد الحكومة الفيدرالية لإجراء انتخابات “مباشرة” في بعض المناطق، بما فيها SSC-خاتمو، في إطار محاولات إصلاحات ديمقراطية تواجه تحديات لوجستية وسياسية وأمنية.
وتبدو زيارة حمزة، إن تمت، خطوة مدروسة ذات أبعاد داخلية وإقليمية. فهي من جهة تمثّل تأكيدًا لسلطة الحكومة الفيدرالية في مناطق ذات حساسية جغرافية وقبلية، ومن جهة أخرى توجّه رسالة بأن مشروع الفيدرالية لا يزال قائمًا رغم ما يواجهه من تباينات ومقاومة من الأطراف الإقليمية.
المحصلة: زيارة لاسعانود ليست مجرد تنقل جغرافي، بل محطة مفصلية في معركة الشرعية بين المركز والهامش، وقد تكون فاتحة لتوازنات جديدة داخل الدولة الصومالية، على الأقل في المدى المنظور. وقد تفجر نزاعا حديدا بين الحكومة المركزية وصومالي لاند أيضا.