مقديشو( بوابة الصومال)— تسعى الحكومة الفيدرالية في الصومال للحصول على 40 مليون دولار من صندوق النقد الدولي (IMF) لمعالجة العجز في الميزانية، في ظل تزايد الطلب على الخدمات ومشاريع التنمية في جميع أنحاء البلاد.
وقد طلبت الحكومة زيادة قدرها 30 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (SDR) — ما يعادل نحو 40 مليون دولار أمريكي — ضمن إطار التسهيل الائتماني الموسع (ECF) الخاص بالصومال.
يأتي هذا الطلب في إطار الجهود المستمرة لحماية الاقتصاد من آثار التخفيضات الحادة في المساعدات الخارجية والصدمات المناخية المتفاقمة.
وقد تم التوصل إلى اتفاق بين صندوق النقد الدولي والحكومة بشأن المراجعة الرابعة لترتيب التسهيل الائتماني الموسع، عقب مناقشات جرت بين 16 سبتمبر و8 أكتوبر من هذا العام. ويخضع الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي. وإذا تمت الموافقة، فسيتم صرف التمويل الإضافي على دفعتين متساويتين.
وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، ران بي، في ختام المهمة: “يسعدني أن أعلن أن السلطات الصومالية وفريق صندوق النقد الدولي قد توصلا إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن السياسات اللازمة لإتمام المراجعة الرابعة ضمن ترتيب التسهيل الائتماني الموسع الذي تم اعتماده في ديسمبر 2023، بإجمالي وصول قدره 75 مليون وحدة SDR (حوالي 100 مليون دولار أمريكي)”.
وأضاف: “للتخفيف من الآثار السلبية لتخفيضات المساعدات الخارجية ودعم جهود الإصلاح، طلبت السلطات زيادة الوصول ضمن ترتيب التسهيل الائتماني الموسع بمقدار 30 مليون وحدة SDR (حوالي 40 مليون دولار أمريكي)، ليتم صرفها على دفعتين متساويتين عند الانتهاء من المراجعتين الرابعة والخامسة على التوالي. ويخضع الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي”.
وستؤدي الموافقة على المراجعة الحالية إلى صرف 22.5 مليون وحدة SDR (حوالي 30 مليون دولار أمريكي)، مما يرفع إجمالي المبالغ المصروفة للصومال ضمن الترتيب الممتد لثلاث سنوات إلى نحو 100 مليون دولار منذ إطلاقه في ديسمبر 2023.
وقد تم تصميم التسهيل الائتماني الموسع لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي في الصومال من خلال تعزيز الانضباط المالي، وتحديث المؤسسات العامة، وبناء القدرة على الصمود الاقتصادي بعد إعفاء البلاد من الديون ضمن مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC).
وقد أظهر اقتصاد الصومال مرونة في عام 2024، حيث بلغ معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي 4.1%. ومع ذلك، فإن التوقعات لعامي 2025 و2026 قد تراجعت.
ويتوقع أن يبلغ النمو 3% في عام 2025 و3.3% في عام 2026، متأثرًا بانخفاض تدفقات المساعدات وظروف الطقس السلبية.
ومن المتوقع أن يظل التضخم مستقرًا عند حوالي 3.5%، لكن أسعار المواد الغذائية ستظل مرتفعة. ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن المخاطر السلبية تهيمن على التوقعات قصيرة الأجل، مع احتمال حدوث تدهور إضافي إذا استمرت اضطرابات المساعدات والصدمات المناخية.
ورغم هذه الضغوط، حافظت السلطات الصومالية على التزام قوي بالانضباط المالي وتوليد الإيرادات المحلية.
وقد ظل الأداء المالي في عام 2025 على المسار الصحيح، مع تحقيق مكاسب كبيرة في الإيرادات من ضريبة الدخل، عقب تطبيق قانون ضريبة الدخل الجديد. كما بقي الإنفاق الحكومي ضمن حدود البرنامج، ومن المتوقع أن يبلغ العجز المالي الإجمالي لعام 2025 نحو 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبالنظر إلى عام 2026، يواصل مشروع الميزانية التركيز على تعبئة الإيرادات والإنفاق المنضبط، مع استيعاب الاحتياجات الإضافية للأمن والانتخابات. ومن المهم أنه يخصص أيضًا موارد لتوسيع الإنفاق الاجتماعي، بهدف حماية الفئات الضعيفة من الآثار الاجتماعية لتخفيض المساعدات الخارجية. ووفقًا لهذه الخطط، من المتوقع أن يبلغ العجز الإجمالي لعام 2026 حوالي 0.75% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أحرزت الصومال تقدمًا مطردًا في الإصلاحات الهيكلية الأوسع نطاقًا. وتشمل المجالات الرئيسية للتقدم تحديث أنظمة الجمارك، وتحسين تطبيق تحصيل ضريبة المبيعات والدخل، وتعزيز إدارة الدين والمالية العامة.
وتعمل السلطات على تنفيذ إطار قانوني جديد لتعزيز الشفافية والمساءلة في قطاع الصناعات الاستخراجية.
وقد اتخذ البنك المركزي الصومالي (CBS) خطوات مهمة لتعزيز قدرته المؤسسية والإشراف التنظيمي. وتشمل هذه الجهود التحضير لتبادل العملة وتطبيق نظام مجلس العملة. بالإضافة إلى ذلك، أحرزت السلطات تقدمًا في تعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT) وتحسين الحوكمة في المؤسسات المالية.
ورغم الاعتراف بتقدم الصومال في الإصلاحات، شدد صندوق النقد الدولي على أهمية استمرار الدعم الدولي.
وقال ران بي: “لقد حافظت الصومال على تنفيذ قوي للإصلاحات وأداء جيد للبرنامج، رغم البيئة الصعبة. ويظل التزام السلطات بالسياسات السليمة والدعم الدولي المستمر أمرًا أساسيًا لبناء اقتصاد أكثر مرونة وشمولية”.
وقد شكرت بعثة صندوق النقد الدولي السلطات الصومالية على تعاونها طوال عملية المراجعة. وعُقدت اجتماعات مع وزير المالية، ومحافظ البنك المركزي، وكبار المسؤولين الحكوميين، والشركاء في التنمية، وممثلي القطاع الخاص.