انقطاع خدمات “أمازون كلاود” يكشف هشاشة البنية الرقمية في إفريقيا

نيروبي: بينادينا مواورا ( خدمة دوان أفريكا)
تسبب انقطاع واسع في خدمات “أمازون ويب سيرفيسز” (AWS) يوم الأحد في شلل جزئي للإنترنت العالمي، مما أدى إلى تعطّل التطبيقات وأنظمة الدفع والمنصات الرقمية، وكشف عن مدى اعتماد العالم — بما في ذلك إفريقيا — على عدد محدود من مزودي خدمات الحوسبة السحابية.

ووفقًا لتقارير رويترز وذا فيرج (The Verge)، فإن الانقطاع الذي تمركز في منطقة البيانات الأمريكية الشرقية (US-EAST-1) لدى أمازون، أثّر على مجموعة واسعة من الخدمات، من بينها سناب شات (Snapchat) وكوين بيس (Coinbase) وزووم (Zoom) وأليكسا (Alexa)، وحتى بعض الأنظمة المالية العالمية التي شهدت توقفًا مؤقتًا في التداول.

ورغم إعلان شركة أمازون أنها تعمل على إعادة توجيه حركة البيانات لاستعادة الخدمات، فإن الحادثة أعادت إلى الأذهان مقولة متداولة في عالم التقنية: “عندما تعطس أمازون، يُصاب الإنترنت العالمي بالبرد.”

السحابة التي تُشغّل العالم

تُعد خدمة أمازون ويب سيرفيسز (AWS) العمود الفقري للإنترنت الحديث، إذ تشغّل ما يقرب من ثلث البنية التحتية الرقمية العالمية، من خدمات البث والتخزين إلى التجارة الإلكترونية والخدمات المالية. وعندما تتعثر هذه المنظومة، تكون النتائج فورية.

ووفقًا لتقرير بيزنس إنسايدر (Business Insider)، فقد تأثرت أكثر من 50 أداة من أدوات AWS، وتباطأت أو توقفت آلاف الخدمات المرتبطة بها حول العالم.

ورغم أن مركز الانقطاع كان في أمريكا الشمالية، إلا أن آثاره امتدت إلى قارات أخرى، بما في ذلك إفريقيا.

الارتدادات في إفريقيا

في كينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا، أبلغت عدة شركات تكنولوجية ومؤسسات مالية تعتمد على AWS عن تأخيرات مؤقتة في مزامنة البيانات وتسجيل الدخول ومعالجة المدفوعات. كما واجهت بعض منصات التجارة الإلكترونية وخدمات التوصيل صعوبات في تحديث الطلبات والمخزون في الوقت الفعلي.

وقال مهندس شبكات سحابية مقيم في نيروبي:

“أن يؤدي انقطاع في ولاية فرجينيا الأمريكية إلى تعطيل تطبيق في نيروبي عام 2025 أمر غير مقبول. إفريقيا بحاجة إلى بنية رقمية احتياطية أكثر استقلالية.”

ومع تزايد اعتماد الشركات الإفريقية على خدمات السحابة العالمية مثل AWS وGoogle Cloud وMicrosoft Azure، أصبحت هذه البنية التحتية جزءًا حيويًا من الاقتصاد الرقمي — لكنها أيضًا مصدر هشاشة جماعية.

تكلفة التوقف

تشير تقديرات شركة IBM إلى أن كل ساعة انقطاع في الخدمات السحابية قد تُكلّف الشركات نحو 300 ألف دولار من الإيرادات المفقودة في المتوسط، بحسب القطاع. لكن بالنسبة للشركات الناشئة الصغيرة في إفريقيا، فإن الخسارة تتعلق أكثر بالسمعة والثقة من الأرقام.

مسألة السيادة الرقمية

أعادت الأزمة فتح النقاش حول السيادة الرقمية في القارة، أي سعي الحكومات الإفريقية لتطوير بنية تحتية سحابية محلية قادرة على مواصلة العمل حتى في حال تعطل مزودي الخدمات العالميين.

وقد أبدت كينيا وجنوب إفريقيا ومصر اهتمامها بإنشاء مراكز بيانات إقليمية، بينما تجرب رواندا وغانا نماذج للحوسبة السحابية الوطنية المخصصة للخدمات العامة.

ومع ذلك، فإن بناء هذه البنية التحتية المحلية يتطلب استثمارات ضخمة، إذ تواجه المراكز الإقليمية ارتفاع أسعار الطاقة، وضعف الاتصال، ونقص الكفاءات التقنية. ولهذا تظل الشركات المحلية تفضّل AWS وAzure بسبب موثوقيتهما — حتى تكشف مثل هذه الحوادث عن مخاطر هذا الاعتماد.

دروس للمستقبل الرقمي

قد لا يستمر الانقطاع سوى ساعات قليلة، لكن دروسه ستبقى لسنوات. ويرى الخبراء أن على الشركات الإفريقية أن تبدأ بتنويع مزودي الخدمات السحابية، وتوزيع أنظمتها على مزودين متعددين، مع الاستثمار في أنظمة احتياطية داخلية تضمن استمرارية العمل في الحالات الطارئة.

وقالت أمازون إن معظم خدماتها عادت للعمل تدريجيًا، إلا أن الحادثة تركت سؤالًا أعمق أمام الاقتصاد الرقمي الإفريقي:

كيف يمكن لقارة تفخر بابتكارها وريادتها أن تضمن مستقبلها الرقمي، بينما لا تزال بنيتها التحتية الأساسية مملوكة لجهات خارجية؟